2019-10-10
غزة
دولة رئيس الوزراء وزير الداخلية، الدكتور محمد اشتية المحترم،
الموضوع: الحق في الجنسية حقٌ دستوريّ لا يقبل أي قيد ولا يجوز المساس به
يهديكم المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" تحياته، مبدياً أنه تلقى شكوى بتاريخ 23/09/2019 من المواطن علاء الدين شمالي من سكان مدينة غزة الذي يعمل كصحفي، تفيد بإتلاف وثيقة جواز سفره نتيجة انهيار منزله بالكامل إثر القصف الذي تعرض له من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي أثناء عدوانها على غزة عام 2014، الأمر الذي أدى إلى إتلاف العديد من الوثائق والأوراق الثبوتيه الخاصة به، بما فيها جواز سفره الذي استخرجه عام 2012 واستخدمه لغايات السفر والتنقل عدة مرات منذ عام 2012 وحتى تاريخ إتلافه، من جهته، قام المشتكي بإبلاغ الجهات الرسمية المختصة بأمر إتلاف جواز سفره، ليسارع بعد ذلك في الشروع في معاملة الحصول على جواز سفر بدل فاقد، إلا أنه فوجئ خلال الشهر الماضي بوزارة الداخلية تبلغه برفض منحه جواز سفر لدواعٍ أمنية أبقتها وزارتكم مُبهمة ومجهولة، علماً بأن آخر معاملة تقدم بها المشتكي إلى وزارة الداخلية بهذا الخصوص كانت بتاريخ 19/09/2019، وذلك عبر الطرق المتاحة والمعمول بها والمعتمدة من قبل وزارتكم في غزة. وأضاف المشتكي في شكواه أنه مواطن فلسطيني ومولود في غزة، وأنه يحمل بطاقة هوية ويمارس عمله الصحفي منذ عام 2007، كما ذكر حصوله على عضوية نقابة الصحافيين واتحاد الإعلام الرياضي، مشيراً إلى أن حرمانه من الحصول على جواز سفر بدل فاقد حال دون ممارسته لعمله ومشاركته في عدة مؤتمرات دولية بصفته الإعلامية، إلى جانب عدم تمكنه من استكماله لمتطلبات الحصول على منحة دراسة عليا (دراسة دكتوراة)، أو فرصة عمل خارج دولة فلسطين بسبب عدم حصوله على جواز سفر.
إننا في المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، بصفتنا هيئة رقابة أهلية مستقلة، نرى في الشكوى –إن صحّت وقائعها- مساساً خطير بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في الحياة، والحق في الجنسية اللذان لا يجوز قانوناً ووفقاً لأحكام القانون الأساسي المساس بهما أو حرمان أي مواطن منهما كونها عنوان المواطنة، وانطلاقاّ من كون جواز السفر تعبيراً قانونياً عن الجنسية والمواطنة وإثبات الانتساب القومي لأي مواطن ولأي شعب، وكون حرمان أو تقييد حق المواطنين/ات في الحصول عليه، أيّاً كانت الدواعي، محظوراً دستورياً لمساسه بالحق في الحياة والوجود والكرامة الإنسانية والنسب القومي، وتناقضه الجوهري مع وثيقة العقد الاجتماعي (القانون الأساسي)، وخروجه الواضح عن لائحة الحقوق الدولية التي يندرج تحت مظلتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى مساسه بحق المواطن/ة في التنقّل، بوصفه حقاً دستورياً لا يجوز تقييده إلا بحكم قضائي مسبب، ناهيك عن كونه عقوبة ماسّة بالحرية الشخصية التي تعتبر حقاً طبيعياً لا يمس دون سبب أو مبرر قانوني، علماً أن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية واجبة الاحترام بموجب القانون الأساسي والعهود والاتفاقيات الدولية المنضمة إليها دولة فلسطين والملزمة بأحكامها، ناهيك عن أن أحكام القانون ملزمة للكافة، الأمر الذي يرتب المساءلة والعقوبة على كل من ينتهكها، وعن أن جهة الإدارة لا تملك صلاحية تنصيب نفسها كخصم وحكم في آن واحد، فإذا ما توافر في حق المشتكي ما يوجب محاكمته، فإن القانون قد حدد الطرق والوسائل والإجراءات القانونية واجبة النفاذ والتطبيق، إعمالاً بمبدأ الفصل بين السلطات، ومراعاةً لضمانات المحاكمة العادلة وحق الدفاع، مع الإشارة إلى خلو القانون الأساسي والقوانين السارية من أي نصوص تطرح سحب الجنسية أو الحرمان منها كعقوبة، ما يجعل من قرار وزارتكم المحترمة القاضي بحرمان المواطن المشتكي من حقه في الحصول على جواز سفر مخالفةً جسيمةً للقوانين والتشريعات السارية وواجبة الإلغاء الفوري، ما يُخوّل ل"مساواة"، بصفتنا المذكورة أعلاه، مطالبتكم بإيعاز دوائر وموظفي وزارتكم بإلغاء كافة الإجراءات والقرارات التي تقف في وجه حصول المشتكي على جواز سفر، وبسرعة الاستجابة لطلبة وتزويده الفوري بجواز سفر، بصفته مواطناً فلسطينياً جنسيته ليست موضع نقاش، وإيمانً بأن حصوله على جواز سفر حقٌ مقدسٌ لا يجوز الاقتراب منه، وأما فيما يخص حق السفر، فإننا نشير إلى تمتع القضاء، والقضاء فقط، بصلاحية حرمانه الوقتي من السفر إذا ما توافرت أسباب هذا الحرمان، وفقاً للقانون.
مع الاحترام
تحريراً بتاريخ 10/10/2019
مسؤولة الرقابة القانونية
أنغام منصور
المرفقات: